هل للحب وقت محدد ؟
هل له مكان وقواعد ؟
هل الحب هو مآسي العشاق الذين انتحروا معا ؟
هل هو هلامي جدا ؟ هل هو بعيد في المجهول مثل النجوم ؟
أخي يقول بأنه لو تسن لقيس أن يتزوج ليلى لكان طلقها بعد فترة
ولو كانت جوليا حظيت بفرصة الزواج من روميو لكانت بهدلته
في محاكم الأحوال الشخصية ... طيب أين هو الحب في هذا
العالم ؟
هل هناك حب بعد الساعة الثامنة صباحا ؟ عندما ينطلق
الجميع إلى أشغالهم وأعمالهم !
اعتقدت دائما بأن الحب هو أحد أكثر الأمور قوة وعفوية في حياة
الإنسان وثمة من يؤمن بأن الحب أقوى من الموت وأقوى من
الجوع والمرض.
إذا لم يكن ثمة حب فليس هناك اهتمام ولا صبر ولا احتواء ...
فعندما تعتقد بأن أحدهم يحبك وتركض إليه طالبا المساعدة ويخذلك
أو يطلب منك أن تتصرف كما كنت تتصرف دائما قبل أن تعرفه
أو أنك تعاني وتصمت منتظرا أن يأتي أو يتحرك أو يقول أو يفعل
شيء ثم تجده متلبسا بعناد اللامبالاة ... ستعرف حتما بأنك كنت
تتوهم .
عندما تعتقد بأن أحدهم يحبك وتكون معه على طبيعتك ... تعترض
أو تناقش أو تعبر عن رأي مغاير فتجد منه ردة فعل قاسية غاضبة
فيها الكثير من الإنكار لوجودك وعقلك وكرامتك ... انسى وهم
الحب عند هذه النقطة وراجع نفسك لكي لا تنزل إلى حضيض
المذلة وتصل بعدها إلى مرحلة الإنتحار الداخلي.
أما الأغاني والرسائل النصية والدباديب وكروت المعايدة في
المناسبات والمكالمات الهاتفية فليست أكثر من خيط باهت سرعان
ما سيتلاشى إذا غاب الإهتمام والإحترام والإحتواء.
والحقيقة أن كل العناصر الفاعلة في ثبات الحب يفترض فيها أن
تكون عفوية وليس عليك أن تطلبها أو بمعنى آخر أن تشحذها
ممن تعتقد أنه يحبك ... ربما ليس كل مرة لأنها ستفقد معناها
وتتحول إلى مجرد تنفيد لطلبات تجنبا لوجع الرأس أو جبر خواطر
في الطرف الآخر من المعادلة هناك المبادرة بالعطاء في الحب ..
إذا كنت تريد الحنان والإهتمام والإحترام فعليك أن تبادر أولا .
على الأقل تطبيقا للقاعدة البسيطة التي تدعو إلى قتل الأنانية
وقتها سيكون لك الحق أن تنتظر دورك في تلقي كل الحب الذي
سبق وقدمته أو مازلت تقدمه .
صحيح أن الحب عذاب ولكننا نحب العذاب أكثر من غيرنا
ونتصور أن لذة الحب تبدأ بالألم وتنتهي بالتضحية فهل هذا
صحيح ؟ سأقول بأن العذاب يهون إذا كان الشخص يمنحك السعادة
التي لا يستطيع أحد غيره منحها لك ... لكن أن يتحول العذاب
والألم إلى هواية تترجمها أشعار وخواطر تدمي العيون والقلوب
في مقابل خواء تام فأعتقد بأن الأمر لا يستحق العناء .
هناك أمر مهم نعرفه جميعا وهو الطبع العاطفي للمرأة والطبع
الخائن للرجل لذلك يصعب غالبا إيجاد التوازن بين العاطفة
المتأججة والخيانة وهنا أقصد الإفراط من قبل الطرفين ... فمعظم
النساء يحلمن بالحضن الدافئ أكثر مما يحلمن بالجنس وأغلب
الرجال يرغبون في الجنس قبل أي حضن ولا يهم أحدهم إذا كانت
المرأة شقراء أو سمراء ... متعلمة أو متعثرة ... لديها حلم أو لديها
كابوس فالمهم أن لديها ما هو لازم عضويا لإخماد نار الشهوة .
ويحدث أن تبدأ قصص الحب بخيط باهت من المشاعر وتنتهي
بخيط قوي يقطب به كل طرف جروحه.
هل نعرف الحب في الواقع بعيدا عن قصص المسلسلات والأفلام؟
نحن ندرك بأن القصص المثيرة تحتاج إلى عقدة مركبة من
المشاعر الإنسانية ولا ينجح في إظهارها إلا فريق عمل محترف
يضم مخرجا ومصورين وتقنيين وممثلين وإلا فلن نسمع أبطال
العمل وهم يتحدثون إلى أنفسهم ثم وهو ينتقلون من مشهد إلى آخر
بين تناقضات الحالة النفسية وتوابع الخير والشر وبعدها ننتظر أن
ينكشف كل شيء في الحلقة الأخيرة .
أتصور بأن الناس يعيشون الحب في الواقع على طريقة الحلقة
الأخيرة بمعنى أن المرأة تدرك بأنها تعيش مشاعرها كحلم أكثر
منه واقع والرجل يعرف ذلك ويلعب على وتر الوهم ليصل إلى
ما يريده ... أحيانا يحاول أن يندمج لكنه في النهاية يرضخ لطبعه
ولا بأس أن تكسر بعض القلوب في المحاولات الفاشلة
للتوحد مع الحلم ...
وعندما يأتي بعض الإهتمام من أحد الطرفين فيكون ماديا بحثا ...
هي تحضر الطعام وتحرص على نظافة البيت وهو يهتم بتوفير
المال اللازم لمتطلبات الحياة وأغلب الحوارات التي تدور بين
المتزوجين تكون حصريا بين موضوع النميمة والماديات .
الإحترام يأخد بعدا آخر يلغيه ويتحول إلى خوف ... هي تخاف أن
يطلقها أو يخونها أو يضربها أو يأخذ منها أطفالها وهو يخاف أن
تفضحه وتكشف ما يخفيه ... ولكل رجل شيء واحد على الأقل
يخفيه عن زوجته أو حبيبته .
القليل فقط من الأزواج يحافظون على الحد الأدنى من الإحترام
بينهما (الإحترام يضم الصدق والتقدير والمعاملة الجيدة)
أما الإحتواء فهو الدائرة التقديرية التي يشعر كل طرف أنه يجد
الآخر فيها معه ... لا إحساس بالفراغ أو الوحدة أو الغرابة ...
لا خوف ولا إدعاء .
مازلت احتفظ ببعض الأمل في الحب ... ربما القليل من الحب .